الخميس، 12 يونيو 2008

دموع على خد القمر

كان وجهها مضيئاً كالقمر في ليلة بدره، وكان وجهها المضيء ترتسمه قسمات حزن ممزوج بألم مكتوم، وكانت رغمه تبتسم لنا، تحاول أن تخبيء أحزانها عن عيوننا، تحاول أن تداري آلامها عن قلوبنا، تحاول أن تبث في نفوسنا الأمل وترفع عن صدورنا الحزن، ولكن ... هيهات هيهات، فقد كشفتها دمعة صغيرة فرت من عينيها دوناً عنها، ولم تستطع أن تخبئها أو تداريها عن عيوننا التي ترقبها في صمت مهيب... وبسرعة حاولت أن تمسح آثار دمعتها الشقية تعاود الابتسام لنا، ترسل نظرة حب تطمئن بها قلوبنا ... إنها بخير... إنها متماسكة... إنها مؤمنة وصابرة وراضية... ليت من أبكوها يسمعون أنينها الصامت ودعائها الخاشع، ليتهم يفهمون الحقائق كما هي، ويكفون أيديهم عن الوقوع في دوائر الظالمين، ويسترون أنفسهم بدروع محصنة كي لا تصيبهم دعواتها ودعوات كل المظلومين والمقهورين... ليتهم وليتهم وليتهم ... يكفكفون الدمع عن وجه القمر...

أشارت زوجتي إلى منظر القمر البديع وقالت: انظر إلى هذه اللوحة الرائعة ... إنها لوحة تأخذ القلوب بجمالها، ولكن يا حسرتاه ... إنها لوحة حزينة كقلوبنا السجينة... نظرت إلى القمر في روعته وجماله، وأخذتني أنواره بدهشة الانبهار، ولكني لاحظت - كزوجتي - حزن الانكسار، وألم قاسي قضب جبين القمر، قلت لها نعم إنه حزين، قالت بل وباك ... ألا ترى الدموع على خده؟ ... أعدت النظر من جديد، وتأملت وغبت في صمت طويل...

على صفحة النيل الجميل تأسرك لوحة الغروب... لوحة رائعة الجمال والدلال، لا تراها إلا على شواطىء نيلنا الباكي الحزين ...إنها دمعات حرقة وألم ممزوجة باحمرار الاحتقان، تنساب من شمسنا في غروبها اليومي داخل صفحة النيل الصابر المتألم والغاضب المتأزم، ليمتزج ألم شمسنا بألم نيلنا، فيصرخ القمر لحظة خروجه من شدة الألم، فيبكي حالنا وحاله دموعاً لا تراها إلا في عيوننا ... نيلنا يبكي ... وأرضنا تبكي ... وشمسنا تبكي ... وقمرنا يبكي ... حتى أشجارنا صارت تبكي ... دموعنا جميعاً قد تجمعت ... على خد القمر ...

أنا مثلك يا حبيبتي يعتصرني الألم، تخنقني الدموع، يعتريني الوهن ... أنا مثلك يا حبيبتي قد فقدت الأمل في كل البشر ... وصلنا يا حبيبتي لنهاية المطاف وآخر شوط من أشواط دربنا الطويل ... لا مجال، لا طريق، لا سبيل إلا برحمة من الله وحده، انتهت كل الأهازيج يا حبيبتي، وانكشفت كل الأقنعة يا حبيبتي، ونفدت كل الحيل وانقطعت كل حبال الرجاء ... يا حبيبتي صدقيني؛ ليس لها من دون الله كاشفة، يا حبيبتي صدقيني؛ الله وحده هو الأمل الباقي لنا وفينا، هو الأمل الوحيد في كشف غماتنا وذهاب أحزاننا وتضميد جراحاتنا، هو الأمل الوحيد في تغيير أحوالنا وإصلاح ما بنا وإيقاف كل الدموع المذرفة على وجوهنا ووجه قمرنا وصفحة نيلنا وقرص شمسنا وكل أرضنا ... هو الأمل في بعث جديد و جيل جديد و أمل جديد أراه بعيداً من بين الغيوم الملبدة، خلف جدران الحياة، من وسط الستائر المحرقة، وأكوام التخاذل والانهيار، سيأتي حتماً في يوم ما، وساعة ما، ولحظة ما، قدرها العليم الخبير وأخفاها عنا كي نظل دائماً نلهج بذكره، و نلوذ بجنابه، ونهتف باسمه، ونعمل في هدوء بانتظار القادم الوليد، والفجر الجديد ... فاللهم فرجاً قريباً ومخرجاً، بلطفك الخفي وخفي ألطافك ... يا عالماً بخفايا الأمور والصدور ... آمين

هناك 10 تعليقات:

عبدو بن خلدون يقول...



آه
ولكن



ما دام الأمل طريقا فسنحياه
...
فإما وجدناه، بأيدينا صنعناه!



أجازتي بدأت اليوم بفضل الله وبرحمته

لي عودة ثانية

بحبك

:)

غير معرف يقول...

يا عمي القمر بتعكوا حزين كده ليه. هو لو يكبر ال-"ج" و يروا ال-"د" حيكون كل في السليم إنشأ الله. عايزين حاجة فرفشة يا أستاذ أيمن كفيانا حزن.

أنا واحد صايع من أمريكا، إنت عرفتني أكيد ؛-)

عمر شريف يقول...

هل كان ينبغي لك ياقمر أن تذرف الدمع وتقلب المشاعر والآهات ؟...أما كان أولى بك أن تطيع ربك وتضيئ لهما عتمة الليل في سكينة ؟...فلأجل ذلك خلقت...فأفعل ماأمرت...

أيمن طلبة يقول...

شكراً يا عبدو. دائماً سباق. نعم لابد من أمل ولابد من عمل. ولكنها زفرات مكلوم خرجت من خلف جدران الحياة. في انتظار عودتك، لا تتأخر :)
وأنا كذلك بحبك...

أيمن طلبة يقول...

يا غير معروف يا أيها ال "صايع من أمريكا" كفاية فرفشتك علينا:)
لو أنك خبرت قمرنا، لقلت أكثر مما قلت.
على كل حال، لما ييجي وقت الفرفشة نبقى نفرفش كلنا.
إبقى زورنا ولا تتأخر علينا..

غير معرف يقول...

السلام عليكم مرة أخرى أخي الحبيب والغالي:

قرأتُ زفراتك. وتوقفت كثيراً عند قولك "أنا مثلك يا حبيبتي قد فقدت الأمل في كل البشر ...". واستشعرتُ ما جال بصدرك ولكن القلوب أسرار. وتأملت ملياً ما جال بخاطري وما فاض به قلبي، وصدتُ الخاطر بعد الخاطر بحثاً عما يحق لي أن أسطره لك أو أن أبوح به على ملأ فما وجدت.

اللهم علمك بالحال يغني عن السؤال.

عمرو طموح يقول...

هذي الدموع السجينة
بقلب السماءالحزينة
ستنساب يوما..
دموع فرح!
وتروي ورود الأمان الجميل
بلحن المرح
ولحن انشراحة صدر
يحب الحياة
ولو من خلف جدرانها
ويسمو به النور
نحو السماء!

==

دمعة الحزن حينا.. تكون الأمل...
ولكن ذلك لا يغير من كونها... دمعة حزن!!

أيمن طلبة يقول...

نعم يا عمر كان ينبغي له أن يذرف الدمع ويقلب الآهات، وإلا ما كان قمرا! ألا ترى أن هناك علاقة وطيدة بين القمر والهموم؟ أزاح الله همومنا وهمومك وهموم العالمين. شكرا على مشاركتك ومعذرة على تأخري في الرد

أيمن طلبة يقول...

أخي الحبيب الغالي "غير معروف" لعلها من سقطات القلم التي أنتجها شديد الألم. ما كان ينبغي لي أن أفقد الأمل في كل البشر ولعل صحة العبارة: ...في جل البشر"
ونعم ما قلت ... القلوب أسرار. اللهم أصلح سائرنا واجعلها خيراً من ظواهرنا..آمين

أيمن طلبة يقول...

أخيراً أخيراً عمرو باشا نور جدراننا! آخر سطرين جامدين يا فيلسوف. خليك معانا عالخط، خاصة في الأجازة ... شكراً على زيارتك