المعرفة والفهم ... و فى لحظة حب واحدة اختزل التاريخ كله، وتكور الزمان والمكان أمامى، وفهمت كيف
أن الدنيا لا تساوى همها، وأن الآخرة هي خير لنا بل وأبقى ...
ورأيت النور – نور الله يقذف فى قلبى – فتهيج كل أحاسيسى ومشاعرى وتضطرم الأشواق فى كل ذرات
جسدى، ويجرى الدم عاشقا ملتاها هاتفاً ... الله الله ربى .
هنا فى دنيا الناس، توجد قلوب قد تحجرت؛ منها من أخذ الدين رسوماً جوفاء، ومنها من عبد الله بخوف دون رجاء، ومنها من أظلم قلبه بطغيان المادة أو المعصية سواء، ومنها ومنها ... وهؤلاء، لا يعرفون معانى الحب أو حال المحبين؛ ولكن من رحمة رب العالمين، أن تبقى فى كل زمان ومكان تلك الطائفة المخفية في ظهور، والظاهرة في خفاء ... على الحق ظاهرين، يأخذون من كل شئ أحسنه، ومن كل سبيل أوسطه، ُتعمر قلوبهم بالحب قبل الخوف، وبالعفو قبل الانتقام، و بالرحمة قبل الغضب، و تكون الدنيا في أيديهم لا في قلوبهم، و تمر بهم تلك اللحظات... لحظات الحب القدسى وإشراقاته ... وتتحول من حال يحل ويرتحل إلى مقام دائم ومستقر... أصبو إلي هذه الطائفة، وأسعى إليهم، وأرتقب وصولي إليهم، في يوم ما... ولحظة ما... ومكان ما... بحبل من الله متين وممد من قدسه مكين...
مرت بى تلك اللحظة ... لكنها ليست كباق اللحظات ... مرت سريعا ومضت لكنها تركت أثراً ومعنى، وحنيناً يئن من وطئة الاغتراب وطول البعاد ... مرت وتركتنى أنادى الحبيب وأضرع إليه مع الإمام السهيلي مناجياً :
يا من يرى ما فى الضمير ويسمع ============= أنت المعد لكل ما يتوقع
يا من يرجى للشدائد كلها ============= يا من إليه المشتكى و المفزع
يامن خزائن رزقه فى قول كن ============ امنن فإن الخير منك أجمع
مالى سوى فقرى إليك وسيلة ============= فبالافتقار إليك فقرى أدفع
مالى سوى قرعى لبابك حيلة ============= فلئن رددت فأى باب أقرع
ومن الذى أدعو و أهتف باسمه ============= إن كان فضلك عن فقيرك يمنع
حاشا لجودك أن تقنط عاصيا ============= الفضل أجزل والمواهب أوسع
ثم الصلاة على النبي وآله ============= خير الأنام ومن به يستشفع
اللهم لا تحرمنى حبك ولا تسلبنى محبتك واجعلنى ممن أحببتهم ورضيت عنهم فى تلك اللحظة ... وفى كل لحظة واجعلها اللهم مقام دائم ومستقر مكين... آمين .