الأربعاء، 30 أبريل 2008

لحظة حب (1)

لحظة حب
لحظة حب غامرة ملأت قلبى فرحا وسروراً، ملأته بأمل نام وبثت فيه حياة ...
لحظة حب عامرة بمعان غفلت عنها قلوب أخرى وقلوب ... لم تعرف معنى الحب ولم تتذوق تلك اللحظة ... لحظة حب.

من قلب ظلام ليل دامس غطى الأجواء، وإكتئابات نهار قاس يقصم ظهر الخير، من قلب الهم القابع فوق القلب، من جوف الظلم القاهر للانسان الحر، جاءتنى تلك اللحظة ... تغسل كل الهم، و تزيح الكابوس السارح فى أعماق الفكر و سويداء القلب، و تنير ظلام حَلُكَ سواده حتى ما كنت أظن له فجر ... لحظة حب نبتت فى القلب فسرت أنوراً تجري في كل عروقي وأضاءت عقلي من بعد القلب، فتغير حال الدنيا أمامى، ورأيت ما لم أره من قبل ..

يا لشقاوة من لم يعرف ذاك الحب، و يا لشقاوة قلب لم تحى مواته تلك اللحظة ... لحظة حب! لحظة حب مرت كنسيم ربيع ، وتركت أرضا مخضرة وأشواق ضريع ... لحظة حب جاءتنى على غير موعد منى ولا ميعاد ... تمنيت لو يتوقف الزمان عندها، تمنيت لو اختزل عمرى كله فى تلك اللحظة، تمنيت لو أموت وأنا فى تلك الحال، تمنيت لو تعرف كل الدنيا وكل الناس معنى ذاك الحب، تمنيت لو أن الحب القدسي هذا كان بيدى لأرضعه لكل نفس تولد و لكل قلب ينبض، تمنيت لو جاء عشاق الدنيا ليكتشفوا كذب عشقهم و سرابه، و ليروا بلغة القلب و معان العقل ذاك الحب ... الآن فهمت ... فهمت تلك المقالة لأحد العابدين " نحن فى نعمة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها "، الآن فهمت ... فهمت موعظة سمعتها منذ زمن قال فيها الواعظ: " تعرفوا الى الله بلغة الحب " الآن فهمت ... فهمت كلمة ابن تيمية: " ما يفعل اعدائى ... انا جنتى فى صدرى " الآن فهمت ... فهمت حنين رابعة العدوية وهى تصف حال الحب الإلهى الذى غلب عليها:

حبيبى ليس يعادله حبيب *** ولا لسواه فى قلبى نصيب
حبيبى غاب عن بصرى و شخصى *** ولكن عن فؤادى لا يغيب

الآن فهمت ... فهمت كيف يذكر المحبين ربهم وحبيبهم:
والله ما طلعت شمس ولا غربت *** إلا وحبك مقرون بأنفاسي
ولا جلست إلى قوم أحدثهم *** إلا وأنت حديثي بين جلاسي

الآن فهمت ... فهمت خماسية عمر بهاء الدين الأميرى فى مناجاته الرقيقة وصرت أشدو معه:
كلما أمعن الدجى وتحالك *** شممت فى غوره الرهيب جلالك
وتراءت لعين القلب برايا *** من جمال آنست فيها جمالك
وتراءى لمسمع الروح همس *** من شفاه النجوم يتلو الثنا لك
واعترانى توله وخشوع *** واحتوانى الشعور : أنى حيالك
ما تمالكت أن يخر كيانى *** ساجدا واجدا ، ومن يتمالك ؟

الآن فهمت ... فهمت معنى الحب ... فى لحظة حب!